طومسون: رائد في الفيزياء الكلاسيكية والإلكترونات
مقدمة
ولد السير جوزيف جون طومسون، المعروف باسم ج. ج. طومسون، في 18 ديسمبر 1856 في مانشستر، إنجلترا، وكان أحد الفيزيائيين الأكثر تأثيرًا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. اشتهر باكتشافه الإلكترون، وهو إنجاز غير مجرى العلم وأسهم في تطور الفيزياء الحديثة. حاز طومسون على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1906 تقديرًا لإسهاماته في دراسة التوصيل الكهربائي للغازات.
خلفية علمية
قبل اكتشاف طومسون، كان العلماء يعتقدون أن الذرة هي أصغر وحدة غير قابلة للتجزئة للمادة. وقد بُني هذا التصور على أعمال علماء مثل جون دالتون وديمتري مندليف. ولكن، في نهاية القرن التاسع عشر، بدأت تظهر أدلة تشير إلى أن الذرة ليست وحدة صلبة غير قابلة للتجزئة.
تجربة أنبوب الأشعة المهبطية
أجرى طومسون تجاربه الشهيرة باستخدام أنبوب الأشعة المهبطية (Cathode Ray Tube) في عام 1897. الأنبوب كان مفرغًا من الهواء تقريبًا ويحتوي على قطبين معدنيين، وعند تطبيق جهد كهربائي عالي، تظهر أشعة تنبعث من القطب السالب (المهبط) باتجاه القطب الموجب.
لاحظ طومسون أن هذه الأشعة تتأثر بالمجالات الكهربائية والمغناطيسية، مما يعني أن هذه الأشعة ليست مجرد موجات ضوئية بل جسيمات مشحونة.
استخدم طومسون المجال المغناطيسي والكهربائي لقياس نسبة الشحنة إلى الكتلة لهذه الجسيمات، واكتشف أنها أصغر بكثير من أي ذرة معروفة.
اكتشاف الإلكترون
كان استنتاج طومسون من هذه التجارب هو أن الأشعة المهبطية مكونة من جسيمات صغيرة جدًا وسالبة الشحنة، والتي أطلق عليها لاحقًا اسم الإلكترونات. هذا الاكتشاف كان له تأثير عميق، حيث أظهر أن الذرة ليست غير قابلة للتجزئة، بل تحتوي على مكونات أصغر.
نموذج طومسون للذرة: نموذج "بودنج الزبيب"
بعد اكتشافه للإلكترون، اقترح طومسون نموذجًا جديدًا للذرة في عام 1904 يُعرف بـ "نموذج بودنج الزبيب" (Plum Pudding Model). وفقًا لهذا النموذج:
تتكون الذرة من كرة موجبة الشحنة تتوزع بداخلها الإلكترونات السالبة مثل الزبيب في كعكة البودنج.
هذا النموذج لم يكن دقيقًا تمامًا، لكنه كان خطوة هامة نحو فهم بنية الذرة.
التأثير العلمي والتطورات اللاحقة
اكتشاف طومسون فتح الباب أمام علماء آخرين لتطوير فهم أعمق لبنية الذرة. بعد أكثر من عقد من الزمن، أجرى إرنست رذرفورد تجربة رقاقة الذهب التي أثبتت أن الذرة تتكون من نواة صغيرة كثيفة محاطة بإلكترونات، مما أدى إلى تعديل نموذج طومسون.
إسهاماته في العلوم الأخرى
إلى جانب اكتشاف الإلكترون، أجرى طومسون أبحاثًا مهمة في التوصيل الكهربائي للغازات، مما أدى إلى حصوله على جائزة نوبل. كما ساهم في تأسيس مختبر كافنديش في جامعة كامبريدج، حيث درّب العديد من العلماء الذين أصبحوا روادًا في مجالاتهم، مثل إرنست رذرفورد ونيلز بور.
الخاتمة
يُعتبر طومسون أحد أبرز العلماء في تاريخ الفيزياء، حيث مهد الطريق للعديد من الاكتشافات التي تبعت اكتشافه للإلكترون. كان عمله أساسيًا لتطوير ميكانيكا الكم وفهمنا الحديث لبنية المادة.