المياه على سطح القمر
كان أمر وجود الماء على سطح القمر أمراً في غاية الاستحالة، وكان من محض خيال مؤلفٍ ما نسج قصة خيالٍ علمي، وأظهرت بعض الدراسات العلمية القديمة نوعاً ما أن هنالك بعض آثارٍ من الماء، حتى في الفوهات الكبيرة المعتمة التي تظهر عند أقطاب القمر، وهذا على أقل تقديرٍ.
سلطت دراسةٌ نُشرت في نوفمبر 2020 في دورية Nature Astronomy الضوء على كيفية تواجد ماء على سطح القمر، وفي هذا الموضوع، سنتكلم بشيءٍ أشبه بالتفصيل عن هاتين الدراستين، فهذا الأمر مهمٌ للغاية لأنه من المنطقي ومن البديهي أنه أينما وُجدَت المياه وُجدَت الحياة
من أين تشكلت المياه على سطح القمر؟
في نهاية 2018 استخلص فريقٌ بحثيٌّ بقيادة كيسي هونيبال بعض البيانات والمعلومات من أجهزة الأشعة تحت الحمراء على متن مرصد صوفيا، التي كانت تدرس بعض المناطق على سطح القمر المُضاءة بواسطة أشعة الشمس.
كانت الدراسة تركز على بعض المناطق دوناً عن الأخرى، والتي كان من المُعتقَد أنها تحتوي على مياه، منها المناطق الواقعة عند دوائر العرض الجنوبية المترفعة بالقرب من فوهة "كلافيوس". وتواجدت انبعاثات قوية للأشعة تحت الحمراء عند طول موجي يبلغ ستة ميكرومترات من الفوهة والمنطقة المحيطة بها، وبعد التعرض لحرارة الشمس، أعاد شيءٌ ما على سطح القمر إرسال الإشعاع الممتص، تماماً مثلما يحدث مع الماء الجزيئي العادي (H2O).من الأدلة على ما سبق أنه وبالعلم الحديث لم يتم اكتشاف أي مادة أخرى بعد غير المياه التي تبعث سمةً طيفيةً واحدة عند هذا الطول الموجي سالف الذكر، وهذا ما صرحت به هونيبال خلال تعقيبها على هذا الحدث العلمي العظيم، ومن المؤكد وكما أشرنا سابقاً في بداية المقال أن القمر يحتوي على بعض الصخور البركانية.
تشير الدراسة السابقة إلى أن الماء يتم تخزينه بين حبيبات الصخور البركانية -سالفة الذكر- أو ينحصر بين حُبيبات مجهرية من الغبار الصخري على القمر.
وهناك تفسير آخر أن الماء قد تكون من الأكسجين والهيدروجين اللذين تحررا من الصخور القمرية بفعل الاصطدام بين النيازك وسطح القمر.
لم يكن اكتشاف سمة طيفية عند طول موجي ستة ميكرومترات هو الأول والفريد من نوعه، بل قامت بذلك دراسةٌ أخرى، أجراها العالمان الفلكيان جيه دبليو سولزبيري وجي آر هانت، حيث قام سالفا الذكر بدراسة على متن منطاد الخاصية الطيفية ذاتها، ولكن لم يقررا أن الانبعاث الموجي عند ستة ميكرومترات هو انبعاث يشير إلى الماء، ولكن لعل هذين العالمين لم يدركا في ذلك الحين أنهما توصلا إلى اكتشاف علمي كبير مفاده تواجد المياه على سطح القمر.
هل المياه على سطح القمر صالحة للشرب وما أهمية اكتشافها؟
كشفت وكالة ناسا في أكتوبر 2020 أن هناك مياه على سطح القمر، حيث أسفر اكتشافها عن وجود جيوب صغيرة من المياه على سطح القمر، وأفادت في مؤتمرها الصحفي أن هذا الماء قد يكفي لإنشاء مستعمرة على سطح القمر، ويمكن الوصول إلى الماء على الجزء القمري المُضاء بنور الشمس.
وفي تقريرٍ نُشر في "ديلى ميل" البريطانية أن كمية المياه تكفي لإنشاء مستعمرة بشرية بالفعل، حيث يبلغ حجم المياه في المصائد الباردة على سطح القمر حوالي 40000 كيلومتر من المياه، وذكرت أنه من الممكن أن يقوم الرواد مستقبلاً بتحويله إلى أكسجين يُستخدم كوقود للمركبات الفضائية، وأيضاً يمكن تحليته من جلال أجهزة مقرونة بمركبات الفضاء لتحويله إلى ماء صالح للشرب، وهذا يدل على أن وجود مستعمرات بشرية على سطح القمر قريباً أمراً ليس محض خيال، بل هو واقع جاري العمل عليه.
حقيقة سحب القمر لمياه الأرض عبر السنين
منذ أن اكتشفت ناسا المياه على سطح القمر، وهناك عدة اعتقادات أو أقاويل مفادها أن المياه تكونت على سطح القمر بفضل كوكب الأرض، حيث يُعتقد أن القمر يسحب المياه من على سطح الأرض عن طريق سحب أيونات الأكسجين والهيدروجين من الغلاف الجوي للأرض عندما يمر القمر في منطقة ذيل الغلاف المغناطيسي للأرض.